يستند مفهوم التخفيضات، الذي نشأ في ألمانيا في خمسينيات القرن الماضي، إلى تقديم المنتجات بأسعار جد تنافسية، مع تقليل تكاليف التشغيل إلى الحد الأدنى، عن طريق طرح مجموعة محدودة من المنتجات، وتصاميم بسيطة للمتاجر، والتخلص من الخدمات الإضافية. وقد غزا هذا النموذج العالم بأسره، وفرض نفسه كبديل أساسي للمستهلكين الحريصين على الميزانية، خاصة في ظل مناخ اقتصادي يتسم بالتضخم وانخفاض القوة الشرائية.
في مواجهة التوسع السريع للسلاسل الأجنبية، مثل “بيم” التركية، و”كازيون” المصرية، تعتمد متاجر التجزئة المغربية، بقيادة “مرجان” و”لابيل في”، استراتيجية لتعزيز مكانتها في السوق. وتشمل هذه الاستراتيجية تطوير سلاسل متاجر محلية، ورقمنة الخدمات، والتكيف مع الاحتياجات المحلية من خلال الترويج للمنتجات المغربية، وتعزيز تجربة الزبائن. وتعكس هذه المبادرات رغبة واضحة في الحفاظ على السيادة التجارية للملكة مع تقديم حلول مصممة على مقاس العادات الجديدة المستهلكين المغاربة.
توسع سلسلة “بيم”
بعد أن قارب عدد متاجرها في المغرب 800 متجر، أعلنت سلسلة “بيم” التركية عن استثمار مليار درهم على مدى السنوات الثلاث المقبلة. حيث تم افتتاح المنصة اللوجستية الجديدة في مراكش في نونبر الماضي بحضور وزير الصناعة، رياض مزور، والرئيس التنفيذي للمجموعة التركية، هالوك دورتلو أوغلو، وتمثل المنصة اللوجستية الجديدة في مراكش مرحلة حاسمة في استراتيجية توسع العلامة.
وتهدف هذه البنية التحتية التي يبلغ حجم استثمارها 150 مليون درهم إلى تعزيز التنافسية في قطاع التوزيع ودعم التوريد المحلي، بالإضافة إلى خلق 6000 فرصة شغل. وتعتزم العلامة التركية، التي تعرف نموًا ملحوظًا في مبيعاتها، التي ارتفعت من 3.8 إلى 4.1 مليار درهم بين سنتي2021 و2022، مع توسع سريع لشبكتها.
كازيون: فاعل جديد في سوق التخفيضات بالمغرب
دخلت العلامة التجارية المصرية “كازيون” السوق المغربي في سنة 2023، حيث تمكنت في أقل من سنة من فتح أزيد من 120 متجرًا عبر المغرب. وتستهدف “كازيون” توسيع شبكة متاجرها إلى 150 متجرًا خلال السنة الحالية، مع استراتيجية للوصول إلى 600 متجر خلال السنوات الخمس القادمة.
وقد حصلت “كازيون” على تمويل بقيمة 165 مليون دولار من مجموعة من المستثمرين في أبريل 2023، إضافة إلى قرض من المؤسسة المالية الدولية (IFC) بقيمة 30 مليون دولار لدعم توسعها في المغرب.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى المنافسة المباشرة مع العلامات الراسخة مثل، “بيم” و “مرجان” و “لابيل في” من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المستهلكين المغاربة.
“مرجان”: الحفاظ على الريادة
لا تعتزم مجموعة مرجان، الرائد في قطاع التوزيع في المغرب، التراجع عن الركب. حيث تملك المجموعة، التابعة للمدى القابضة، أكثر من 150 متجرًا في 30 مدينة وتوظف 12.000 شخصًا، وما تزال مبيعاتها السنوية تتجاوز المليار أورو. وتستند استراتيجيتها إلى نموذج متعدد الأشكال يشمل “الهايبر ماركت”، و “السوبر ماركت”، والمتاجر المتخصصة مثل “إلكتروبلانيت”. وتستند مكانتها على جودة تجربة العملاء والمعايير الصارمة للنظافة وشفافية الأسعار.
وقدمت المجموعة أخيرا، “مرجان سيتي”، وهي علامة جديدة تهدف إلى منافسة “بيم” و”كازيون” من خلال تقديم متاجر بمساحات صغيرة (300 متر مربع) لتلبية احتياجات التسوق السريع. وقد بدأت في الرباط وشرعت في التوسع بالسوق المغربي.
“لابيل في”: استراتيجية طموحة حتى 2028
أما مجموعة “لابيل في”، الشريك الحصري لكارفور في المغرب، فقد اعتمدت استراتيجية لمواجهة التحديات، عبر توسيع عروضها في مختلف المجالات. وتمكنت “لابيل في” من تسجيل مبيعات بقيمة 15 مليار درهم في 2022، كما تسعى لزيادة هذا الرقم في السنوات القادمة.
وأدخلت “لابيل في” صيغة جديدة تحمل اسم “سوبيكو” التي تجمع بين مميزات السوبرماركت التقليدي وأسعار متاجر التخفيضات. حيث تم افتتاحها في أحياء سكنية، تقدم عروضًا اقتصادية للمستهلكين، وهو ما يجعلها بديلا جذابًا للأسر المغربية التي تسعى للتوفير في ميزانيتها.
وفي يونيو 2024، كشفت مجموعة “لابيل في” عن رؤيتها الاستراتيجية حتى سنة 2028، والتي تهدف إلى مضاعفة مبيعاتها إلى 28 مليار درهم بحلول ذلك التاريخ، مع التركيز على الاستثمارات في متاجر جديدة وتوسيع النطاق المتعدد الأشكال.
التحول الرقمي: ركيزة استراتيجية
بينما تواصل “بيم” توسيع شبكتها التقليدية، اختارت مجموعتي “مرجان” و”لابيل في” تسريع تحولهم الرقمي، حيث أطلقت مجموعة مرجان في 2023 “Marjane mall” وهي منصة تسوق إلكترونية 100% تهدف إلى تعزيز ريادتها في التجارة الإلكترونية. كما كثفت مجموع ة “لابيل في”من خدمات التجارة الإلكترونية لديها، بما في ذلك خدمة “القيادة والتوصيل السريع” لتلبية احتياجات المستهلكين المتزايدة في المدن الكبرى.
أما “كازيون”، فقد استثمرت في تكنولوجيا تحليل البيانات والشراكات اللوجستية بهدف تحسين العمليات وتعزيز كفاءتها.
