رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يدعو يهود ومسلمي فرنسا لعدم خوض المعركة الخطأ
أعرب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الفرنسي-المغربي محمد الموسوي، عن أسفه لتوظيف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على الدوام من قبل المتطرفين من جميع الأطياف لزرع الانقسام، داعيا “يهود ومسلمي فرنسا إلى عدم خوض المعركة الخطأ”.
وكتب رئيس المجلس في عمود نشرته، اليوم الإثنين، الصحيفة الفرنسية “لوبنيون”، “لن نتوقف عن قول ذلك، إن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ليس صراعا دينيا. وللأسف، اندلعت شرارات العديد من التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين من ساحة المسجد الأقصى. هذه الحقيقة تصدمنا، لأنها لا تعكس ما يرمز إليه ثالث الأماكن المقدسة في الإسلام: ملاذ سلام مبارك هو وما حوله، حسب القرآن الكريم”.
وأبرز أن “اليهود عاشوا دائما مع المسلمين في العديد من بلدان العالم منذ مجيئ الإسلام، وقد عرف هذا التعايش أوقاتا مجيدة وقدم أمثلة على التعاون الذكي على المستويات العلمية والفلسفية لصالح البشرية جمعاء. (…) هذا التعايش الذي ميز الشرق الأوسط أيضا في الماضي، ممكن اليوم وغدا. وسيؤدي تحقيقه إلى فتح صفحة مضيئة في تاريخ البشرية”، مؤكدا أن “هذا التعايش ميز كذلك شمال إفريقيا التي استقبلت اليهود والمسلمين الذين فروا من محاكم التفتيش في القرن الخامس عشر في الأندلس”.
ولفت الموسوي إلى أن “هذا التعايش شهد أيضا لحظات من التوتر والصراع. وهذه اللحظات، المذكورة في بعض الآيات القرآنية، يتم تحريفها عن سياقها التاريخي من قبل منظري الكراهية لغايات عدوانية”. علاوة على ذلك، “يذكر المؤرخون بالإجماع أن هذه الأوضاع، التي لم ينخرط فيها جميع المسلمين واليهود في ذلك الوقت، كانت ذات طبيعة سياسية. وبعبارة أخرى، فإن هذا التوتر، الذي نشأ في سياق تاريخي وجيو-سياسي محدود في الزمان والمكان، لم يكن له دافع ديني”.
وحسب رئيس المجلس، “لا شك أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تم توظيفه بشكل مستمر من قبل المتطرفين من جميع الأطياف لزرع الفرقة والفتنة بين يهود ومسلمي فرنسا”.
وأكد الموسوي أن “معاناة سكان هذه المنطقة من العالم، الذين يتطلعون إلى سلام طال انتظاره، لا يمكن أن تقابل باللامبالاة”، مسجلا أن “أولئك الذين يدعون الدفاع عن القضية الفلسطينية من خلال تقويض روابط الأخوة التي توحد اليهود والمسلمين في فرنسا غير مؤهلين بشكل نهائي. موقفهم، بصرف النظر عن حقيقة أنه غير عادل، يضر بمصالح الشعب الفلسطيني ولا يخدم السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وتابع رئيس المجلس أنه إضافة إلى ذلك، فإن “إظهار التضامن ودعم قضية إنسانية هو حرية دستورية. وكأي حرية، فهي ليست مطلقة”، مؤكدا أن “السلطات التي تتولى مهمة الحفاظ على النظام العام لديها الحق في وضع حدود لها”.
ووفقا لرئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، “نحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى التفكير في الدروس المستقاة من محطات كثيرة من تاريخنا المشترك من أجل الوقوف في وجه انحرافات أولئك الذين يحرفون ثقافاتنا وأدياننا وحضاراتنا”.
وأضاف “يمكننا أن نحارب الكراهية معا واستعادة امتدادات مفقودة من الحكمة والاحترام المتبادل التي اختفت في ارتباك النزاعات”، معتبرا أن يهود ومسلمي فرنسا، كمؤمنين، وكمواطنين من نفس الأمة، لديهم الكثير من المشترك”.
وقال الموسوي “لدينا العديد من الطقوس والممارسات المشتركة. نعيش في زمن تطبعه الكثير من علامات الخوف، يجب أن نظهر حاملين لشعلة الأمل”، ليخلص إلى أن “أغلى ما يمكننا تقديمه للإسرائيليين والفلسطينيين هو العمل بلا كلل حتى يتمكنوا من اكتشاف مسارات السلام وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.