أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن العالم اختار دبلوماسية النوادي من أجل إيجاد حلول لتحديات الوباء، مؤكدا أنه في المقابل، وبدلا من التقويم الجماعي والمنسق الذي كانت تتطلع إليه شعوب العالم، “نجد أنفسنا الآن في خضم عالم أكثر افتقارا للمساواة من أي وقت مضى”.
وأوضح بوريطة، خلال المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز المنعقد في باكو (13-14 يوليوز)، أنه في الوقت الذي كان ينبغي فيه أن يكون التلقيح شاملا وعادلا، والولوج إليه عاملا للمساواة، فإن بعض البلدان تلقح أكثر من إفريقيا بأكملها، ولقاحات الجنوب غير معترف بها في الشمال.
وأوضح الوزير في هذا السياق، أن المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قرر استخلاص الدروس من الجائحة؛ مشيرا إلى أن المملكة قد عممت الولوج إلى الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لفائدة جميع السكان، وأطلقت مشروعا للتصنيع المحلي للقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19 وغيره من اللقاحات لصالح بلدنا، ولكن أيضا لكافة البلدان الإفريقية.
وأشار إلى أن هذا الأمر لن يضمن فحسب السيادة الصحية للمغرب، بل سيضمن أيضا تصدير اللقاحات إلى البلدان الإفريقية الأخرى، وبالتالي تعزيز توجهه كمزود للأمن الصحي في القارة.
وقال إن المغرب قرر أيضا العمل من أجل أجندة جديدة للمنافع العامة على المستوى الدولي، وخاصة نظام الأمن الصحي الدولي، مشيرا في هذا الصدد إلى الأعمال التحضيرية للمملكة مع جمهورية رواندا ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي لعقد المؤتمر الوزاري لدبلوماسية الأمن الصحي والتحضير للوضعيات الطارئة.
وتابع بوريطة أن وضع حركة عدم الانحياز في قلب الجهود متعددة الأطراف لمواجهة التحديات العالمية لا يعني فقط مواجهة التهديدات الجديدة مثل تلك التي يشكلها الوباء، ولكن أيضا الاستجابة للتحديات القديمة التي تركز على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والأزمة في ليبيا.
وبخصوص الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، أشار وزير الشؤون الخارجية إلى أن المملكة المغربية جددت التأكيد كعادتها على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، معتبرا أن هذا الاجتماع يمكن أن يشكل مناسبة “لنا لتجديد التزامنا” بإعادة إطلاق عملية السلام والشروع في مفاوضات جادة بهدف إرساء سلام عادل ودائم في إطار حل الدولتين.
وفي إطار رئاسة جلالة الملك محمد السادس للجنة القدس، أكد بوريطة أن المغرب يشدد أيضا على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني للقدس، فضلا عن الطابع المقدس للمدينة كفضاء للتعايش السلمي بين مؤمني الديانات السماوية الثلاث، مشددا على ضرورة الامتناع عن أي عمل أحادي قد يؤدي إلى التصعيد والتوترات.
وبخصوص الأزمة في ليبيا، أكد الوزير أن المغرب يظل ملتزما بشكل تام، تحت التوجيهات الملكية السامية، بإرساء أسس الاستقرار الدائم في هذا البلد، الذي يربطه بالمملكة تاريخ ومصير مشتركين، مضيفا، في هذا الصدد، أن المملكة تدعم جهود الشعب الليبي والمؤسسات الليبية الشرعية للتحضير للانتخابات المقبلة، كخطوة إضافية نحو هذا الاستقرار.
وأوضح أن وضع حركة عدم الانحياز في قلب الجهود المتعددة الأطراف لمواجهة التحديات العالمية يعني بناء تحالفات واسعة، وتجاوز الانقسامات الإيديولوجية والأفكار التقليدية من أجل التقدم نحو التعددية الموجهة نحو العمل والمبنية على النتائج، والتي تركز على الحلول العملية وتضع مبدأ الإنصاف في صميم جميع جهود النظام متعدد الأطراف من أجل إعادة البناء بشكل أفضل.
وشدد الوزير على أن حركة عدم الانحياز، انطلاقا من قيمتي التضامن والعدالة الدوليين اللتين كانتا وراء إنشائها، تتحلى بميزة خاصة تجعلها بمثابة محفز لإصلاح النظام العالمي في حقبة ما بعد كوفيد-19، مبرزا أن المغرب مستعد للعمل مع الدول الأعضاء في الحركة من أجل تحقيق هذه الأهداف.