أعربت صحيفة (لوماتان دالجيري) الجزائرية عن أسفها لكون السلطة في هذا البلد تخوض حربا ضد الشعب كما يتضح ذلك من خلال موجة اعتقالات تطال نشطاء حقوقيين منذ عدة أسابيع.
وكتبت اليومية، في مقال تحت عنوان (سلطة تخوض حربا ضد الشعب)، “بالنظر إلى العدد الهائل من الاعتقالات في صفوف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من معتقلي الرأي، في الأيام الأخيرة التي أعقبت حرائق الغابات الإجرامية في منطقة القبايل ومقتل جمال بن إسماعيل، تكون السلطة قد دخلت من دون شك مرحلة من القمع المشدد المتسم بإفراط في العنف والتعسف وصل إلى درجة الهلوسة”.
وبحسب كاتب المقال، فإن هذه السلطة، التي أوصدت الأبواب أمام هذا الجيل الذي يريد بناء الدولة، دخلت في طور حاسم من أشكال الجنون الاستبدادي.
واعتبر أنه لم يعد الأمر مقتصرا على إيقاف المعارضين السياسيين والصحافيين ونشطاء الحراك الآخرين المدرجين في قائمة المواطنين غير المرغوب فيهم، بل جاوزه إلى تقويض شعب بأكمله، مضيفا أنه حتى الأشخاص محدودي الحركية لم يسلموا من ذلك.
وشددت اليومية على أن هذا القمع، الذي تقوده التيارات المتنازعة على السلطة بقبضة من حديد، يشكل قصة تطهير عرقي وسياسي وثقافي من دون أن تسمى بذلك؛ إذ اجتمعت فيه خصائص إبادة متمظهرة في المجازر العديدة التي عرفتها البلاد، والثورات التي أريقت فيها الدماء، والقائمة الطويلة من الأفراد الذين تعقبهم البوليس السياسي.
وأوضحت أن الإجراءات التي تتخذها السلطة، كلما شعرت بتهديد لبقائها، تشبه إلى حد كبير الممارسات التي تشهدها ساحة الحرب ، مبرزة أن السلطة الجزائرية تذكي لهيب المؤامرات بين السكان من خلال التوسل بالسلاح النفسي والتلاعب بالمعلومات لغاية وحيدة تتلخص في إبعاد أصحاب السلطة الحقيقيين عن الأنظار، بل ذهبت أبعد من ذلك، بالتستر عن المحرضين الرئيسيين على المآسي التي تضرب البلاد، ولا سيما تلك التي عرفتها منطقة القبايل مؤخرا.
وسجل كاتب المقال أن “هذه السلطة تحرض الرأي العام وتروج للفكر السياسي الوحيد في الآن ذاته، بهدف التضليل، وإثارة الشك والارتباك بين السكان، واختراع أعداء وهميين، من خلال وضع قوائم بالأشخاص المراد تحييدهم، وتجريم أي عمل سياسي يخعارض رغبتها في الحكم”.
وأشار إلى أنه بفضل الترسانة القمعية الموجودة تحت تصرفه، والتي راكمها على حساب قطاعات حساسة أخرى، مستنزفة ومهملة تماما، مثل الصحة أو الفلاحة أو حتى الحماية المدنية، فإن هذه السلطة تلجأ إلى الحل الأسهل ولا تدخر أي جهد لخلق وضعية حرب حيث يهدد الاحتجاج استمراريتها.
ومضى قائلا “نحن بلا شك تحت نير استبداد لا ينفك يتمادى في طغيانه، رغم الثورات العديدة التي هزت البلاد. إنها بلا شك سلطة في حالة حرب ضد شعبها”.
وشدد على أن الرأي العام الدولي يجب أن يدق ناقوس الخطر بشأن هذا اللجوء الهائل إلى القمع، الذي يطال عددا كبيرا من المعارضين السياسيين والصحافيين والناشطين الأمازيغ ونشطاء الحراك ومنطقة القبايل برمتها، لأنه “لم يعد هناك أدنى شك في الطبيعة الترويعية لهذه السياسة التي تهدف إلى القضاء التام على كل معارضة حقيقية وحرة ومستقلة”.
وانتهى كاتب المقال إلى القول “إنه شعب يحدق به الخطر، ويطالب الهيئات الدولية بالتدخل لدى هذه السلطة غير الشرعية من أجل ضمان احترام حقه الأساسي في الحياة والحريات الفردية والجماعية”.