سجلت أسعار زيت الزيتون في المغرب قفزة غير مسبوقة، حيث بلغ سعر اللتر الواحد حوالي 100 درهم في بعض الأسواق، وهو ارتفاع بنسبة تتجاوز 70% مقارنة بالمواسم السابقة. هذا الوضع أثار قلق المواطنين، خاصة أن زيت الزيتون يشكل عنصرًا أساسيًا في غذاء الأسر المغربية، التي تعاني أصلًا من تداعيات الأزمة الاقتصادية.
يعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها تأثير التغيرات المناخية. فقد انخفض إنتاج الزيتون بنسبة 11% خلال موسم 2024-2025 مقارنة بالموسم الماضي، حيث بلغ الإنتاج حوالي 950,000 طن فقط، مقابل معدل إنتاج طبيعي يتجاوز 1.6 مليون طن سنويًا. ويرجع هذا التراجع إلى قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى الأمراض التي أثرت على أشجار الزيتون.
كما أن تكلفة الإنتاج شهدت ارتفاعًا ملموسًا، حيث زادت أسعار الأسمدة بنسبة 25% والمبيدات بنسبة 30% خلال العام الجاري، مما ساهم في زيادة سعر زيت الزيتون. بالإضافة إلى ذلك، لعب الوسطاء دورًا في احتكار الزيتون وزيادة الأسعار، حيث يُقدر أن عمليات الوساطة ترفع تكلفة المنتج النهائي بنسبة تصل إلى 15%.
لتخفيف الضغط على السوق المحلية، يتجه المغرب نحو استيراد زيت الزيتون من الخارج. وتُظهر البيانات أن استيراد الزيتون وزيته من دول مثل البرازيل قد يوفر فرصة لتخفيض الأسعار، حيث يقل سعر زيت الزيتون المستورد بنسبة تتراوح بين 20 و30% عن نظيره المنتج محليًا.
رغم التحديات، يظل قطاع زيت الزيتون من الركائز الأساسية للاقتصاد المغربي. فهو يساهم بما يقارب 2.4 مليار درهم سنويًا في الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر حوالي 5.3 مليون يوم عمل سنويًا. وفي المناطق الشرقية، التي تُعد من أهم مناطق الإنتاج، تتوفر 357 وحدة لمعالجة الزيتون بقدرة إنتاجية تصل إلى 45.000 طن سنويًا، إلى جانب 30 وحدة تخزين بسعة إجمالية تصل إلى 53.500 طن.
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 80% من الأسر المغربية تعتمد على زيت الزيتون بشكل يومي. ومع ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 50 و70% في بعض المناطق، أصبحت العديد من الأسر تجد صعوبة في توفير هذه المادة الأساسية.
تُعد منطقة الشرق من أبرز المناطق المنتجة، حيث تُغطي منطقتا جرادة والدريوش حوالي 59% من إجمالي مساحة زراعة الزيتون في هذه المنطقة. ومع ذلك، تأثرت هذه المناطق بشكل كبير بالتغيرات المناخية، حيث تراجعت الإنتاجية بنسبة 11% خلال هذا الموسم.
للتعامل مع هذه الأزمة، يدعو الخبراء إلى زيادة الدعم للفلاحين الصغار والمتوسطين، وتحفيزهم على اعتماد تقنيات ري حديثة مثل الري بالتنقيط، الذي يمكن من رفع الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25%. كما يُوصى بإنشاء المزيد من وحدات التخزين والمعالجة لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل الفاقد.
على الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار زيت الزيتون بشكل ملحوظ. ففي إسبانيا، سجلت الأسعار زيادة بنسبة 18.6%، وفي إيطاليا بنسبة 20.3%. هذه الزيادات انعكست على السوق المغربية، حيث يُقدر أن واردات الزيت قد ترتفع بنسبة 40% هذا العام لتلبية الطلب المتزايد.
مع استمرار ارتفاع الأسعار، يُحذر الخبراء من شراء زيت الزيتون من الأسواق العشوائية أو من مصادر غير موثوقة، حيث قد تصل نسبة الغش في هذه المنتجات إلى 15%. وينصح المستهلكون بشراء الزيوت من المحلات المعتمدة لضمان الجودة والسلامة.
رغم التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع زيت الزيتون، تظل الجهود مستمرة لضمان تلبية الطلب المحلي وتعزيز مكانة المغرب كمنتج رئيسي على المستوى الإقليمي والدولي. ومع تبني الحلول المستدامة، يبقى الأمل معقودًا على تجاوز هذه الأزمة وتأمين استدامة هذا القطاع الحيوي.