أكد وزير العدل، محمد بنعبد القادر، أن تطوير السياسة الجنائية رهان أساسي لمواكبة التطور المضطرد الذي يعرفه المجتمع.
وأضاف الوزير متحدثا في ندوة وطنية نظمتها وزارة العدل بشراكة مع هيئة المحامين بالدار البيضاء، أمس، بنادي المحامين ببوسكورة حول موضوع “السياسة الجنائية ضمن مسار إصلاح منظومة العدالة”، أن المحددات الفلسفية التي تؤطر أي سياسة جنائية، يتعين أن تراعي تحقيق التوازن بين مكافحة الجريمة والحفاظ على تماسك المجتمع في احترام تام للحقوق والحريات.
وبعد استعراضه للمداخل والتوجهات العامة للسياسة الجنائية الوطنية، أكد بنعبد القادر، أن دور التشريع أساسي في تفعيل هذه السياسة، لملاءمتها مع المرجعية الدستورية للمملكة ومع التوجهات الاستراتيجية الكبرى لبلادنا من أجل بناء مجتمع ديمقراطي حداثي ومتضامن. وأشار الوزير إلى أن إصلاح منظومة العدالة، لا يستقيم بدون إيلاء مزيد من الاهتمام بالمهن القضائية والقانونية والفاعلين الأساسيين وفي طليعتهم هيئات الدفاع والهيئات ذات الصلة.
من جهة أخرى، أعرب بنعبد القادر عن اعتزازه بالعلاقة الوطيدة التي تربطه بمختلف هيئات المحامين على الصعيد الوطني، معبرا عن أمله في أن تتواصل علاقات الشراكة والتعاون مع هذه المؤسسات بما يخدم النجاعة القضائية وتقريب القضاء من المواطن وتجويد الخدمة القضائية بالمغرب.
من جانبه، اعتبر مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل هشام ملاطي، في مداخلة تحت عنوان “أي سياسة جنائية لمغرب اليوم” أن السياسة الجنائية تتسم بالنسبية والحركية وبالتالي لا يمكن الحديث عن نموذج مثالي لها لأنها قائمة على التطور ومواكبة الحركية المجتمعية.
وأضاف أن السياسة الجنائية المغربية عرفت عدة محطات سواء من خلال السياسة الجنائية العرفية، قبل الاستقلال، أو بعد ظهور السياسة الجنائية المرتبطة بالدولة الحديثة بعد الاستقلال.
وبعد أن استعرض مختلف هذه التطورات التي عرفتها السياسة الجنائية، أبرز أهمية اجتهادات أصحاب الاختصاص في رسم معالم سياسة جنائية واقعية تستجيب للتحولات التي عرفتها المملكة في العديد من الأصعدة.
أما نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، الطاهر موافق، فشدد في مداخلته على أهمية الحاجة إلى وقفة تأمل لتقييم مدى ملاءمة سياستنا الجنائية لمبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، وتقييم مدى نجاعتها في الحد من الظاهرة الإجرامية.
وقال في هذا الصدد “بغض النظر عن اختلاف مشاربنا الفكرية، نحن بحاجة إلى سياسة جنائية جديدة، تتقاطع مع باقي السياسات العمومية، لحماية الحريات، وتكريس عقوبات نافعة، تهتم بالضحايا وبإصلاح وتأهيل وإعادة إدماج الجاني، وتوفق بين مواكبة التطور التشريعي الدولي وتكريس قانون وطني يراعي الخصوصية المغربية”.
وأضاف أن دستور 2011، شكل نقلة نوعية في المنظومة القانونية بالمغرب، فقد جاء بنفس ديمقراطي، منفتح، أكثر مما كان يتوقع ويترقب المتتبعون، إلى درجة أن مقتضياته باتت متقدمة جدا مقارنة مع مقتضيات قانونية كانت ولا زالت سارية المفعول بعد دخوله حيز التنفيذ.
كل هذا، يؤكد موافق يجب أن يكون محفزا ومستوجبا لإدخال تعديلات مهمة على الترسانة القانونية المؤطرة للسياسة الجنائية الوطنية حتى تصبح متلائمة مع المقتضيات والمستجدات الثورية والمتقدمة للدستور الجديد وكذا الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.